تحتل المقاولات الصغرى والمتوسطة مكانة كبيرة داخل النسيج الاقتصادي المغربي، فوفق ما أعلنه أحمد رضا الشامي عام 2011 ، الوزير السابق للصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، فحوالي 95% من المقاولات المغربية تندرج في هذا الإطار، كما أن مساهمتها في خلق مناصب الشغل تصل إلى 50% من الرقم الإجمالي لهذه المناصب، والنسبة نفسها في حجم الاستثمار.
هذه الأرقام تتقارب مع ما أكده الوزير المنتدب المكلف بالمقاولات الصغرى وإدماج القطاع غير المنظم، مامون بوهدود، عام 2014، عندما قال إن هذه المقاولات تمثل 75% من ناتج الاقتصاد الوطني، بل وتًشغّل 85% من اليد العاملة، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل على استراتيجية لتسريع التنمية الصناعية، من بين أهدافها، عصرنة المقاولات الصغرى والمتوسطة، بإشراك القطاعين العام والخاص.
وتظهر جهود المغرب في هذا السياق، إن استحضرنا إحداث بنك المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب وصندوق الضمان المركزي “صندوق الدعم المالي للمقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة” عام 2014 بغرض دعم هذه الفئة من المقاولات وتعزيز مساهمتها في النمو الاقتصادي، وذلك عبر التمويل المشترك مع البنوك للبرامج الرامية إلى إعادة وتعزيز التوازن المالي لهذه المقاولات.
إعادة التوازن المالي لهذه المقاولات التي يطلق عليها PME، يثير موضوع وجود مجموعة من التحديات التي تعتريها، وهي التحديات التي أكدها تقرير أنجزه الباحث الاقتصادي بشير حمدوش تحت عنوان” المقاولات الصغرى والصغيرة جدًا في المغرب” تحت إشراف منتدى البحث الاقتصادي. وتنقسم هذه التحديات إلى تلك المتعلّقة بالولوج والاستفادة من البنى التحية والخدمات الأساسية، وإلى تلك المتعلقة بالمقاولات في نفسها.
بخصوص الصنف الأوّل، فمن هذه التحديات هناك الاستفادة من الماء، الكهرباء، الهواتف، الصرف الصحي، تعبيد الطرق، نقل العمال والبضائع. أما الصنف الثاني، وهو الأكثر بروزًا، فيمكن عدّ أزيد من 20 تحديًا، تتنوّع حسب رأس المال والخدمات التمويلية، والعلاقات مع الإداريين، والتنافسية، والتشريع القانوني. ويمكن القول إن سبعة تحديات في هذا الإطار هي الأخطر، منها المردودية، والطلب القليل على الإنتاج ومنافسة بقية المقاولات من هذا الصنف، وصعوبة الحصول على رأس المال الأوّلي، ومشاكل المواد الأوّلية.
ويعدّد سعد حمومي، رئيس لجنة PME بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، في عرض له، تحديات هذا الصنف من المقاولات في ضعف الوسائل البشرية التقنية، ضعف التمكن من تطوير السوق، عدم كفاية التكوين، مشاكل الأداء المتعلق بجودة التسيير، تنامي المتطلبات الدولية، ضعف في قابلية الاستثمار، والتعقيدات الإدارية والبنكية.
كما يتحدث الباحث الاقتصادي، الحسين عشي، في مقال على جريدة les echos، أن المقاولات الصغرى والمتوسطة تواجه في العالم العربي الكثير من المشاكل، فالتمويل البنكي ينحصر بشكل أكبر في المقاولات الكبرى، كما أن هذه المقاولات الصغرى، بالنظر إلى حجمها المحدود، تكون معرّضة للصدمات والتقلبات الاقتصادية مقارنة بالكبرى، كما أنها لا تتوفر على تخطيط محاسباتي يُمكن للأبناك أن تعتمد عليه من أجل دراسة قابلية تمويلها، وفضلًا عن ذلك، لا يتم تشجيع البنوك كي توّجه تمويلها نحو PME في الوقت الذي تتوجه في المقاولات الكبرى والدولة إلى هذا التمويل.
فما هي الحلول لتجاوز هذا الوضع؟ يتحدث عشي بأنه يجب تطوير قدرة البنوك على تقييم مخاطر تمويل MPE والبحث عن دعم عمومي للمصاريف المصاحبة لهذه العملية، ويمكن في هذا الإطار، الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي الذي وضع مجموعة من الآليات لأجل تغطية مصاريف المساعدة التقنية الضرورية لتحسين إجراءات تقييم طلبات PME.
كما يجب حسب الحسين عشي، تقوية قدرة هذه المقاولات على تسيير مواردها المالية، وخلق تنظيم عمومي يقترح ضمانات على المشاريع المبتكرة، وحماية حقوق الدائنين وتطوير المحاكم التجارية في سبيل معالجة أسرع للخلافات الواقعة بين البنوك وزبنائها، كما يجب تطوير طرق بديلة للتمويل غير البنوك، منها شركات ما يُعرف بـ capital-risque التي تدعم المشاريع الطموحة.
وجدير بالذكر، أنه بالإضافة إلى “صندوق الدعم المالي للمقاولات الصغيرة جدا والمقاولات الصغرى والمتوسطة”، قام المغرب بعدة خطوات لدعم هذه المقاولات، ومن ذلك برنامج “مساندة” الذي بدأت الوكالة الوطنية لإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة بالمغرب العمل به منذ عام 2007، إذ يعمل على عدة واجهات، منها واجهة تطوير قدرات هذه المقاولات في استخدام تكنولوجيات المعلوميات لتحسين إنتاجيتها.